عبدالعظيم حسن المحامي يكتب :دولة القانون
الحالة صعبة
*دكان عمك* الحالة صعبة قد يكون من أول المحلات التي أدخلت ثقافة البوش على مستوى الثورات وأحياء مدينة أمدرمان العريقة. ففي منتصف السبعينات وبداية ثمانينات القرن المنصرم اختار عمنا الحالة أن يقصر نشاطه التجاري على تقديم البوش وجبة على مدار الساعة. صباحاً يتسرب لدكانه طلاب المدارس وعمال اليومية وغيرهم، وفي المساء معظم الرواد من سكان الحي والأحياء المجاورة من متوسطي ومحدودي الدخل. بوش الحالة، ليس إلا موية فول وموية جبنة وزيت. الحالة ورغماً عن خلو رفوفه إلا أن محله أكتسب شهرة واسعة لصيرورته منبراً سياسياً يرتاده السكان من الجنسين للتنفيس مع عمك الذي يردد بخفة دم “الحالة صعبة”. لصعوبة الحالة التي بلغها زبائنه لم يخطر ببال أحدهم سؤال عم أحمد عن اسمه بحسبان الحالة بمفردها كانت علامة فارقة لوصولك للمحل.
*ثورة ديسمبر المجيدة*، وإن تفجرت ضد نظام الثلاثين من يونيو إلا أن صعوبة حالتنا حقيقة، ليست بجديدة. الصحيح أن الصعوبات تفاقمت وتطورت في ظل النظام الذي تولى كبرها. الأجيال المتعاقبة، والتي استمتعت بخيرات السودان وتفاخرت بنعيمه، بكل أسف، لم تترك لورثتها غير الفرقة والصراعات. قياداتنا السياسية وبدلاً من أن يكون همها التصدي للأحوال الصعبة، إذا بها تتحكم على المواطنين بقرارات يظنونها معصومة من الخطأ. للأسف لا من مارسوا العمل العام أو من نشأوا على أيدي تلك القيادات تربوا على احتمال وتقبل النقد والتقويم.
*ببلوغ* الأصعب من الحالات، والمتمثلة في اندلاع الحرب وانتشار الكوارث والأمراض، فإن الخروج من هذا النفق، وبلا شك، يعد من أصعب التحديات. وقف الاحتراب سواء على الميدان أو الاعلام مسائل غاية في الصعوبة والتعقيد. وقف الحرب كأولى مراحل الاستقرار تتطلب تضحيات عظيمة على المستويين الشعبي والرسمي. السودانيون، وبعد أن ذاقوا مرارة الحرب عليهم أن يتجردوا معلنين الفشل ومقلعين عن الخلافات ومتوجهين لصناعة النجاح. لتتوقف الحرب لا يكفي تغيير الشخوص بقدرما النفوس المتبنية السلام ثقافة. بذات الوقت يجب أن يتذكر السودانيون أن من أتوا بالحرب لا يمكن أن يصنعوا سلاماً. بلوغ السلام يحتاج لأن نتهيأ بالروح الايجابية والخروج من سلبيات الحالة الصعبة.
عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
9 أغسطس 2024
SSNA NEWS - سسنا نيوز
صدق الكلمة وسرعة الخبر