أمواج ناعمة : د. ياسر محجوب : «الإيقاد» تعبث بالسيادة السودانية
ما كان لأحد أن يتصور أن خلل المعايير الذي يضرب بالقيم والأخلاق في هذا العالم المضطرب أن يصل للحد الذي يتجول فيه قائد عصابة للقتل والنهب والاغتصاب، بين ردهات اجتماعات لقمة رؤساء دول منظمة «الإيقاد»، ثم يسمى ذلك بحثا عن السلام. فلم تدع «الايقاد” للسودان بُدا من اتخاذ قرار صائب بتجميد عضويته في هذه المنظمة المتهالكة التي مضت في غيها متعمدة العبث بأمن واستقرار البلاد ومس سيادتها الوطنية. وكان تجاهل المنظمة لقرار السودان، الذي كان قد نقله إليها رسميا بوقف انخراطه وتجميد تعامله معها في أي موضوعات تخص الوضع الراهن في البلاد، القشة التي قصمت ظهر البعير. بل إن بيان قمة كمبالا حمل عبارات تنتهك سيادة السودان، وتستفز مشاعر ضحايا الفظائع التي ترتكبها المليشيا المتمردة وذووهم. وأكد السودان بأنه غير ملزم ولا يعنيه كل ما يصدر من «الإيقاد” فيما يخص شأنه.
ولعل ما يقتضي البحث عن السلام أو أن يتجشم رؤساء دول الاجتماع للصلح بين طرفين هو أن تكون هناك قضية سياسية أو مطالب سياسية لطرف من الأطراف له مشروعية سياسية نتيجة لهذه المطالب أو القضايا السياسية؛ أما تأتي عصابة أو مليشيا مسلحة ليس لها مشروع سياسي وتفعل في المدنيين الآمنين ما فعله المغول والتتر في غابر الزمان، ثم يستقبل قائدها استقبال الرؤساء ويحتفى به احتفاء الكرام، فهذا ما أتت به منظمة «الإيقاد» التي تركت مكافحة الجراد لتخوض في هذا الوحل وتنال من سيادة دولة عضو ومؤسسة لهذا التجمع الذي فقد البوصلة تماما. لقد تجاهلت «الإيقاد» عمدا جرائم مليشيا الدعم السريع في المواطنين السودانيين، وهي جرائم وثقها أفراد المليشيا بأنفسهم غباء أو مجاهرة بالسوء وتحديا لكل الأعراف والقيم. فهل كانت تلكم المجاهرة لعلمهم بأن منظمة (محترمة) يمكن أن توفر لهم ملاذا وغطاءً سياسيا؟.
في نهاية القمة التي عقدت في أوغندا قال قائد مليشيا الدعم السريع وهو شخصية ما زالت الشكوك تحوم حول حياته أو موته، عقب مشاركته في تلك القمة: (إن القمة كانت فرصة لتقديم شرح مفصل لرؤساء دول المنظمة بشأن أسباب نشوب الأزمة في السودان). إذن استمعت «»الإيقاد»» إلى القاتل وهو يزعم بأنه هو الضحية. المدهش أن «الإيقاد» لم يسبق لها دعوة على سبيل المثال دعوة زعيم حركة التقراي الأثيوبية رغم أنها حركة ذات مشروع سياسي وليس لديها سجل إجرامي تجاه المواطنين العزل. وحتى القمة الأخيرة في أوغندا رفضت أثيوبيا حضورها لأنها أدرجت مناقشة مشكلتها مع الصومال الناتجة عن توقيع أديس أبابا اتفاقا عسكريا مع جمهورية أرض الصومال المنفصلة من جانب واحد من الصومال ولم تحظ بأي اعتراف دولي حتى الآن. واعتبر ذلك الاتفاق غير قانوني، وخارج نطاق القواعد الدولية، وعُدّ تعديا على سيادة الصومال، وتهديدا لوحدته واستقلاله. وظلت أثيوبيا وهي عضو فاعل في «الإيقاد» تتفاخر بأن قضياها ممنوعة من التدويل ولا تسمح بمس سيادتها الوطنية.
فالسيادة الوطنية التي يتمتع بها السودان تقضي أن يحدد السودان كيف يتم حل مشاكله ومن يضطلع بها ممن يثق فيهم إذا اقتضى. كما أي وساطة في أي نزاع أو خلاف تقتضي موافقة الطرفين ولا يمكن فرض الوساطة على طرف من الأطراف. حتى الأمم المتحدة لا تستطيع فرض حلولها إلا عبر البند السابع الذي يتطلب اجراءات تشمل موافقة الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن الدولي. وتقول المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة، انه (ليس في هذا الميثاق ما يسوغ للأمم المتحدة أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطات الداخلية لدولة ما، وليس فيه ما يقتضي الأعضاء أن يعرضوا مثل هذه المسائل لأن تحل بحكم هذا الميثاق، على أن هذا المبدأ لا يخلّ بتطبيق تدابير القمع الواردة في الفصل السابع).
وتتأبط «الإيقاد» مبادرة بايعاز خارجي تمس السيادة الوطنية السودانية فقد اقترحت مبادرة بآليات لا يمكن أن يقبلها الجيش السوداني اذ تُخِلُّ بالتوازن العسكري، مثل نزع السلاح من العاصمة التي تضم أهم مقرات الجيش الأساسية. وكذلك مقترح بحظر الطيران ومنها وآخر بإدخال قوات افريقية للسودان دون التشاور معه وكلها مقترحات تمس بسيادة البلاد.
SSNA NEWS - سسنا نيوز
صدق الكلمة وسرعة الخبر