زاوية خاصة: نايلة الخليفة: الإعلام من منظور حربي
`
عندما أستمع وأشاهد تناول الإعلام الغربي و العربي ، ليوميات الحرب في السودان ، وخاصة الفضائيات الكبرى ، تقفز إلى ذاكرتي الطريقة التي غطت بها هذه الوسائل ، ما أشيع انه حصار الدعم السريع لمدينة الفاشر، حيث ركزت التغطية على نشر الخوف والهلع في اوساط المواطنين، وكأنها تشير إلى أن المدينة ستسقط لا محال ، وأظهرت على صدر أخبارها وتقاريرها صور لجنود الجيش السوداني بشكل محبط، فالوسائل بهذا العرض تتعمد رسم صورة صورة ذهنية معينة لدى المتلقي ، وفي ذات الوسائل الإعلامية، نطالع تقارير ولقاءات آخرى مع قيادات في تقدم تدعو قادة الجيش للإستسلام لأنها وحسب زعمها خسرت رهان الحرب، ففي هذه الحالة يتبادر إلى ذهني التأثير الكبير في التعاطي مع التناول الإعلامي في وقت الحروب الكبرى، ومدى تأثيره السلبي والإيجابي على سير الدفة، ليس بالزخم السياسي فقط، لكنه يصل أحيانا كثيرة إلى تأثيرات على الجانب العسكري، بجانب هز الروح المعنوية للشعب والجيش ، حيث يتضح بشكل لا يقبل الشك الدور الذي تلعبه تلك الوسائل الإعلامية في الحرب السودانية.
تناول الإعلام عموما للحالة السودانية لم يبدأ من فجر الخامس عشر من أبريل 2023 م ، بل بدأ ماقبل الثورة المصنوعة ، حيث طرق الإعلام بكثافة على الأزمة الإقتصادية، إلى أن قامت شرارة الثورة وسقوط النظام الأسبق، وما تلى ذلك من تداعيات وتجميل صورة الحكم المدني وتأليب الرأي العام على الجيش السوداني، إستمر الوضع هكذا إلى أن أشرقت شمس السودان صبيحة الخامس عشر من ابريل ، على أصوات الزخيرة التي لم تصمت حتى اليوم.
كنت على تواصل مع صديقة اسفيرية، أثق فيها جدا، وأعلم أنها معارضة لحكومة البشير ، ودفعت ثمن كرهها للإنقاذ بأن غادرت السودان ، ثم عادت مع تباشير الثورة فرحة تغني بأهازيج وردي وأشعار حُميد ، وبعد الحرب تغير موقفها تماما وذكرت لي ان وعيها قد عاد إليها ، وأكدت لي أن من يحارب الآن في الجيش السوداني والشعب السوداني ، ليسوا الجنجويد بمفردهم ، بل دول اقليمية ومرتزقة من غرب افريقيا، وأن الجنجويد والثورة والمواكب ماهي إلا فتن دُبرت بليل، للوصول إلى الهدف الرئيسي ،وهو دخول السودان في نفق الحرب.
تلك المشاهد والمواقف سالفة الذكر ، لدور الإعلام في صناعة الرأي وتوجيهه في اوقات الحروب، لخصتها رسائل بعث بها مدير جهاز المخابرات العامة ، الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل في بريد الإعلاميين ، حيث ذكر الرجل أن المعارك الحقيقية تدور في الإعلام ، لا في ميادين القتال ، وهو مُحق فيما ذهب إليه ، فبإمكان الإعلام أن يسقط بلدة كاملة بمجرد شائعة ، دون خسارة طلقة واحدة والعكس.
6 رسائل لمدير جهاز المخابرات العامة ، موجهة للإعلاميين هي ركائز لتأسيس وطن معافى وإعلام وطني ، محارب للجهوية داع للسلام ، كاشفاً القناع عن وجوه الخونة والمتعاونين ، ناقلاً للوقائع بصدق ، داحضاً للشائعات في وسائل التواصل الإجتماعي، هذه المباديء الإعلامية ، التي عددها مفضل لو توفرت في إعلامنا المحلي ، لكانت بمثابة حائط الصد ، والجدار الفولازي الذي يصعب إختراقه ، من قِبل الإعلام السالب الذي ينشر من أجل تحقيق هدف من يدفع له ، بُغية تفتيت السودان ومن ثم هندسته وِفق رؤية رعاة مشروع السودان الجديد…لنا عودة.
SSNA NEWS - سسنا نيوز
صدق الكلمة وسرعة الخبر