سسنا نيوز
صدق الكلمة وسرعة الخبر

النيل الفاضل يكتب : محمد الحاج جمّوعة… رجل بحجم أمة وصوت للوفاء في زمن العطاء

في زمنٍ تتكاثر فيه المحن وتتناسل التحديات، يبرز اسم محمد الحاج جمّوعة كرايةٍ خفاقةٍ في سماء العطاء الوطني، ورمزٍ للبسالة المدنية في معركة الكرامة، رجلٌ لا يُقاس حضوره بعدد المرات التي ظهر فيها، بل بحجم الأثر الذي يتركه في كل موقفٍ وميدان.

هو الرجل-الأمّة، الذي جعل من الإنفاق رسالة، ومن البذل سلوكًا، ومن حب الوطن عقيدة. يتدفّق كرمه كما يتدفّق النهر في موسم الفيضان، يعطي ولا يخشى الفقر، ينفق بطمأنينة الواثق بوعد الله، فيُداوي الجراح، ويُخفف الألم، ويمسح على قلوب المكلومين بيدٍ من رحمةٍ وقلبٍ من نور.

من يعرف محمد الحاج جمّوعة يدرك أنّه رجل المواقف لا المناسبات، حاضرٌ حيثما وُجد نداء الوطن، سابقٌ لا يُستدعى، ومعطاءٌ لا يُذكَّر، يستجيب بلا تردد، ويدعم بلا منٍّ ولا أذى، مؤمنٌ بأن الكرامة تُصان بالعطاء كما تُصان بالبندقية، وأن الوطن لا يبنيه المتفرجون. لذلك استحق أن يُسطَّر اسمه بحروفٍ من وفاء على جدار معركة الكرامة، إلى جانب الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه.

وفي مجلسه بصحبة المجاهد جبريل علي الطيب (أبو إدريس يونس)، تكتشف حجم انشغاله بالوطن، لا بنفسه؛ وبالناس، لا بماله. حديثه دائمًا عن هموم الأرض والإنسان، عن “الردمية” التي تشق طريقها بين قرى الماطوري، تحمل الأمل وتبدد العزلة، رغم قسوة الطبيعة وضيق الإمكانيات.

وحين يطلّ الشيخ أبوضريرة، تكتمل اللوحة الوطنية في مجلسٍ لا يشبه سواه؛ لوحة الوفاء والصمود، كأنك ترى تاريخ المناقل حيًّا أمامك — يُروى بالأفعال لا بالكلمات، يُعاش لا يُكتب فقط.

نعم، إنّ من حقّ أهل المناقل علينا أن تُروى سيرهم وتُدوَّن بطولاتهم وتُدرَّس للأجيال القادمة. فهم رجال الشدة، وجبالٌ في زمن الريح، لا تلين عزائمهم ولا تنكسر هممهم. رجالٌ جعلوا من تراب المناقل ميدانًا للكرامة، ومن عطائهم نهراً لا ينضب، ومن وفائهم درساً في معنى أن تكون سودانياً أصيلاً.

محمد الحاج جمّوعة… ليس مجرد اسم، بل سيرةٌ تمشي على الأرض، تُجسّد المعنى الحقيقي لأن يكون المرء في صف الوطن، لا في ظله.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.