زاوية خاصة: نايلة الخليفة: قطار جدة جنيف القاهرة
ما أن فشلت العملية الإنقلابية في الخامس عشر من ابريل ٢٠٢٣م ، التي خِيطت خيوطها ضد السودان في الغرف المغلقة بدولة الإمارات العربية ، وبعلم بعض العواصم الغربية عبر أزرعها المخابراتية ، ما أن فشلت هذه العملية إلا وبدأت الدول التي تشرف عليها بصورة غير مباشرة ، في تدارك الموقف والبحث عن صيغة ، لضمان وجود الأدوات المنفذة لها في المشهد السياسي ، والعسكري في السودان.
فأهتدت العقلية الأمريكية و السعودية ، إلى دعوة الجيش السوداني والمليشيا المتمردة ، لمفاوضات غير مباشرة بجدة ، فأنطلق قطار المفاوضات من هناك ، وتوصل الجيش والمليشيا بعد شد وجذب ، وتقريب لوجهات النظر من الوسطاء ، إلى ماسمي بإتفاق جدة ٢٠٢٣م ، الذي جاء اهم بنوده بنص على خروج المليشيا من بيوت المواطنين ، والمرافق الخدمية والصحية ، وتجميع أفراد المليشيا في معسكرات متفق عليها في بنود جدة ، إلا أن المليشيا لم تنفذ المطلوب ، والوسطاء لم يضغطوا عليها في إتجاه التنفيذ ، لحاجة في نفس يعقوب.
إتسعت رقعة الحرب في السودان ، وتمددت لتشمل بعد ولاية الخرطوم ولايات الوسط ، ودارفور مصحوباً كل ذلك بتفاقم أوضاع النازحين واللاجئين ، والإنتهاكات اللا إنسانية ، التي إرتكبتها ولا تزال ترتكبها المليشيا في حربها ضد المواطن ، الأمر الذي صَعُب إخفاؤه ، ووضع المجتمع الدولي والداعمين للمليشيا الإرهابية ، أمام تحدي وامتحان عسير ، إذ أنه يدعي الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان ، وفي ذات الوقت المليشيا التي يقف خلفها الفاعلين ، في هذا العالم المختل ، تقوض الديمقراطية ، وتنتهك المعايير الإنسانية في رابعة النهار .
في محطة أخرى وبحيثيات جديدة ، تحرك قطار السودان صوب مدينة أخرى ، فجاءت المبادرة الأمريكية لبحث وقف إطلاق النار لدواعي إنسانية بجنيف ، فسارعت المليشيا للترحيب بها على وجه السرعة ، وطالب السودان كحكومة بمشاورات مع الجانب الأمريكي في جدة ، قبل إبداء رأيها بالموافقة من عدمها ، وبناء على مشاورات جدة ومن لغة التهديد والوعيد التي أظهرها الجانب الأمريكي ، وتبنيه لرؤية المليشيا وجناحها السياسي ، وعدم ردوده على إستفسارات السودان ، حزم وفد السودان حقائبه من جدة بقرار عدم جدوى مشاركة السودان في مفاوضات جنيف ، وقد كان الرفض هو خيار السودان ، رغم الضغط الذي مارسه الجانب الأمريكي لحمله وإلحاقه بجنيف.
بدأت جنيف كمشاورات لعدم حضور صاحب الحق ، فكان قوامها وسطاء ومراقبين ، ووفد المليشيا من داخل القاعة ، وهناك خارج القاعة يرابط الحالمون بالعودة خلف المليشيا ، نزلاء الفنادق وفد تقدم ، ينتظر مع إزدياد دقات قلبه على رأس كل ساعة وكل يوم يمضي ، لتتفتق عبقرية الأمريكان على حيلة أخرى لتركيع الحكومة السودانية ، فأفترعت محطة أخرى لقطار التفاوض الثنائي بالقاهرة ، إلا أن هذه المحطة إنهارت قبل تدشينها ، لإصرار الحكومة السودانية على موقفها المبديء المعلن سلفاً ، بضرورة تنفيذ ما اتفق عليه في جدة ، والإعتراف الأمريكي بكامل السيادة الوطنية السودانية ، إقتناع الجانب الأمريكي بعدم قدرته على حمل السودان إلى جنيف ، وإقتياده كالحمل الوديع ، جعل المبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بريلو يحزم أمتعته ويغادر القاهرة ، قبل وصول وفد الحكومة السودانية إلى عاصمة الفراعنة .
يبدو أن محطات قطار التفاوض لوقف الحرب في السودان ، التي بدأت من جدة ، جنيف والقاهرة ، ستنتهي إلى محصلة سحق المليشيا عسكريا ، وهي الرؤية التي يدفع في إتجاهها الشعب السوداني ، مع جيشه الذي نجح في إفشال مخطط القرن ، لتفيت السودان وتفكيك الجيش ، مع ظهور تحولات دولية وتكتلات اقلقت مضاجع الأمريكان ، إتجه فيها السودان يكلياته شرقا نحو المعسكر الروسي ، هذه التحالفات جعلت الأمريكان يهرولون لإيجاد تسوية في السودان تقطع الطريق على الروس وتضمن وجود المليشيا وجناحها السياسي، في المشهدين السياسي والعسكري الأمر الذي يرفضه السودان جملة وتفصيلاً .. لنا عودة.
SSNA NEWS - سسنا نيوز
صدق الكلمة وسرعة الخبر