رؤي: واصله عباس : ملحمة وزارة (التكايا)
أصلح الله حال وطننا المتمددة جزوته فينا شوقا..وألما .. حزناً وإلتياعاً .. تبعدنا عنه المسافات التي سرناها بأٌقدامنا .. وتقربنا اليه قلوبنا التي تركناها هناك في مراتع الصبا ،، والشباب ،، حيث الديار والأهل والصحبة ،، وأماكن الحياة التي تتنفس شوقا الينا حتي لاتصبح أطلالاً تحكي أننا كنا يوما ما هنا ،، يسوقنا الحنين عند بزوغ الشمس وغروبها ،، تظل أوجه المقارنه قائمة في كل تفاصيل يومنا في الحياة البعيدة عن الديار والأهل ،، ويحدونا الأمل في لقاء قريب يجمع شعثنا ويضع عن كاهلنا عصا الترحال التي جعلتنا في سفر ورحيل دائمين بحثا عن العلاج أولا ، ومن بين ثنايا الحرب الملعون ورغم ضرواتها وقسوتها ، وجورها ،، وأنينها ، تظل المعالم السودانية التي تُحدث عن القيم الإنسانية ، والتي تميزنا عن رصفاءنا في خارطة الحياة الممتدة من المحيط الي الخليج ومن الشمال الي الشرق ومن الغرب الي الجنوب ،، أننا نحمل بين طياتنا (زول أصيل ) يحمل موروثه أينما حل ، وإن جنح فإن حبل الشوق متصل له أينما يمم وجه شطر قبلته ، ولهذا ظهرت القيم السودانية رغم قصف المدافع ، وأزيز الطائرات ، وأصوات المضادات والرصاص ، وقفت قيمنا التكافلية متجاوزة كل الصعاب ، لمعت بين كل تلك الخروقات الإنسانية ، لمعت هذه القيم التكافلية السمحة ، التي قادها من أقعدته الحرب برغبته أو غصبا عنه ،أمل في غد أفضل فكانت (التكايا ) وهي المكان الذي يكثر فيه الطعام بلا مقابل ، وقد عٌرفت الخلاوي بهذه الصفة ، وكذلك الكثير من البيوت التي تٌقضي فيها حوائج الغير ، حيث يجدونا مطلبهم ، والباب المفتوح لسد الحوجة ، فكانت الموروثات الثقافية تعج بالنداء لبذل العطاء فكانت :
بوصيكم علي البيت الكبير أبنوه
بوصيكم علي ضيف الهجوع عشوه
بوصيكم علي الجار إن وقع شيلوه
بوصيكم علي الفايت الحدود واسوه
وبهذا أسهمت المبادرات المجتمعية بصورة فاعلة في تلبية الإحتياجات اليومية للذين لم يغادروا الديار ، بعد أن تقطعت بهم سبل الحياة بعد أن توقفت عملية الإقتصاد والتبادل التجاري ، وإنعدمت دورة الحياة بشكلها الفاعل ، فالمال مسجون في الأرصدة بسبب إنقطاع التيار الكهربائي ،و إنقطاع شبكة الإنترنت ، ولهذا أصبح المال مرتهنا بأمرهما ، وبهذا سُدت كل المنافذ ، وبات البحث عن لقمة حياة مرهونا بحياتك ، والبحث قد يقودك الي حتفك بسبب رصاص طائش أو مدفع جائر ، والكثير قد قضي نحبه بذات الطريق ، وفي ( التكايا ) التي قادها الكثير من اهل الخير وتدافع لها الخيرين أملا في الإسهام في حل تلك الضائقة الكارثية التي ألمت بوطننا الغالي ، وعصفت بالكثير من الأرواح جوعا ، لهذا ظهرت قيمة التكافل والتراحم واضحة ، من خلال التبرعات التي سندت التكايا ، وقوت من إستمرارية عطاءها ، فكانت تكايا الناشطين الطوعيين سوهندا عبدالوهاب ، محمد مٌغربي في الفتيحاب ، ومبادرة هاله الشفيع ، ومبادرة (جولة كاميرا أبوسعد ) بقيادة الشاب خالد النذير الذي يعمل علي توجيه المستفيدين الي تلك التكايا ، وفي ذات الوقت يقودة مبادرة ( توفير الدواء) ، ومبادرة الناشط والصحفي عثمان الجندي (كباية شاي) ، وتكية شيخ الأمين في ودنوباوي ، ومبادرة شباب دارفور الذين دفعوا الثمن ارواح ثمانية من خيرة الشباب الذين ظلوا يحملون اكفانهم في اياديهم ، ومبادرات شباب شرق النيل والخرطوم ، ولم تغب بقية الولايات عن اللحاق بركب تلك التكايا ، حيث باتت أبواب المنازل مشرعة تفتح زراعيها مربتة علي كل الجراحات والأحزان والأهوال ، مخففة من هول الصدمات ، متقاسمين الوجع والزاد ، وفي ظل وجود تلك القيم النبيلة السمحة التي ظلت جزوتها مشتعلة تهدي الحياري سلاما وطعاما ، وبهذا تصبح تلك التكايا والمبادرات بمثابة شريك أصيل في تخفيف مصاب الحرب ، وبالتالي هي الذراع المساند للدولة في حرب الكرامة ، مما يجعلها وزارة قائمة بذاتها رغم تبعيتها لوزارة الضمان الاجتماعي والتنمية الاجتماعية ، ولكن عطاءها كان عظيما وكبيرا يستحق التمييز والإشادة ، ولوكنت المسئول لجعلت ل(وزارة التكايا ) وساما ، وسجلا خالدا فيه تجسيدا لملحمة الإنسانية السند القوي لملحمة الكرامة ، وسطرت بأحرف من نور كل من شارك في إحياء هذه القيمة النبيلة الاصيلة دون إقصاء أو نسيان أي فرد مهما كان دوره ، وشددت علي يمين كل مساهم وداعم ومشارك ، لانهم فرسان في ملحمة الإنسانية وقضاء حوائج الناس.
رؤي أخيرة
وغدا تشرق الشمس لتصبح شمسين بفرحة بني وطن بنصر وسلام وأمان .. وإشتقت اليك يا امدرمان
SSNA NEWS - سسنا نيوز
صدق الكلمة وسرعة الخبر