سسنا نيوز صدق الكلمة وسرعة الخبر
تابعنا على وسائل التواصل

عبدالله الاردب يكتب: وداعاً أيها المصباح فلم يعُد في الخيط زيت

0

 

مضي بالأمس إلى رحاب ربه الأخ الفاضل الخلوق المثقف الخبير الأمني والاستراتيجي الفريق الفاتح الجيلي مصباح بمدينة القاهرة بعد عمر مديد مبارك انفقه في خدمة الوطن والمجتمع متنقلا في عدة مواقع عملية ومحطات مهنية ووطنية.. فقد حدثني رحمه الله انه قد بدأ حياته العملية ضابطا في شرطة السودان أوائل ستينيات القرن الماضي، ثم كان ضمن المجموعة التي أسست أول وحدة أمنية وطنية متخصصة (أمن الدولة) تتبع للشرطة السودانية، قبل أن تصبح جهازا للأمن والمخابرات، وتدرج في مضمارها حتى أصبح قائدا لها وقد شهد له كل من تعامل معه (من مؤيدي نظام مايو أو معارضيه) في تلك الفترة بالانضباط العسكري العالي والالتزام الأخلاقي الصارم!! ولعل من أوثق الشهود ذمة وصدقيه الراحل الدكتور إبراهيم عبيدالله (احد معتقلي تلك الحقبة) الذي حرص أن يطلب من الأخ الفاتح أن ينهض من كرسي المعاش ليتولى وظيفة محافظ ود مدني في منتصف التسعينات من القرن الماضي وقد كان الدكتور عبيدالله واليا حينئذ، وقد حصل لنا الشرف بزمالته وصحبته، حيث كنت محافظا لشرق الجزيرة (رفاعة). تداعت الذكريات شجية علي ذاكرة الرجل الوضيئة، فقد أعاد التاريخ بعضا من سيرته… فان الفاتح المصباح هو حفيد الشيخ محمد المدني السني مؤسس مدينة ود مدني، التي اشتهرت باسمه وجاء لقب (السني) لشدة تمسكه بالسنة النبوية.. عشنا سنين مفعمات بالعلم والأدب والمثاقفة في رحاب أخينا الأكبر الفاتح بالجزيرة المروية، لا يزال بعض طعمها الحلو في وجداننا واذهاننا، كانت بيني وبينه مساجلات ومداعبات ورسائل أدبية واخوانية..ان الفاتح عليه الرحمه صاحب براءة اختراع وتأليف شعار حكومتنا في ولاية الجزيرة آنذاك (إحترام الوقت قيمة دينية وسمة حضارية) وكذلك تشييد اللافتة التي تشمخ في مدخل مدينة ود مدني (ابتسم.. انت في ود مدني) التي قد سقطت حسا ومعنى بدخول الأوباش والتتار الجدد لمدينة الذكر والفن والثقافة هذه الأيام !! تولى الفريق الفاتح منصب رئيس مجلس ولاية الجزيرة التشريعي قبل أن يصدر قرار رئاسي بإعادته للخدمة العسكرية مجددا وتكليفه بقيادة جهاز الاستخبارات العسكرية في البلاد حتى تقاعد للمعاش للمرة الثانية، بيد انهم لم يتركوه ليهنأ بشئ من استراحة المحارب وقد بلغ سن الكهولة، ليكلف مجددا بقيادة جهاز التخطيط الاستراتيجي بالسودان، ونشهد انه كان يثب في كل حالة من حالات الاستدعاء للمهام والتكاليف الوطنية بهمة وصدق وإخلاص. لقد كانت خبراته المتعددة وحكمته الصائبة وعقله الراجح سببا في أن يظل نصف قرن من الزمان في خدمة وطنه وأمته!! وصدق الشاعر :- إذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام…قال لي عند زيارتي له في فراش المرض أن أكثر ما يؤلمه هو عجزه عن ممارسة هوايته المحببة في مطالعة الكتب وورده في المصحف الشريف بسبب ضعف النظر!! هكذا تطوي صحائف البشر مهما كانت مجيدة، وتنقضي ايام العمر مهما كانت مديدة، و ينطفئ المصباح فقد قضى الأمر…

SSNA NEWS - سسنا نيوز

صدق الكلمة وسرعة الخبر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.